الذباب أول من يصل إلى مسرح الجريمة.. دراسة تكشف دور الحشرات في كشف أسرار الموت

كشفت دراسة علمية حديثة أجرتها الباحثة رشا رزق عن الدور الحيوي الذي تلعبه الحشرات في مجال الطب الشرعي والتحقيقات الجنائية، مشيرة إلى أن علم الحشرات الجنائي يُعد من العلوم الناشئة والواعدة، إذ يعتمد على دراسة الحشرات ومفصليات الأرجل التي تنجذب إلى الجثث بعد الوفاة مباشرة.

وأوضحت الباحثة أن الحشرات تضع بيضها على الجثث، ومن خلال تحليل مراحل تطور هذه الحشرات وعددها، يمكن لخبراء الحشرات تقدير ما يُعرف بـ «الفاصل الزمني بعد الوفاة» (PMI)، وهو الوقت الذي مرّ منذ حدوث الوفاة وحتى اكتشاف الجثة. كما يمكنهم تحديد ما إذا تم نقل الجثة من مكان لآخر، أو استنتاج سبب الوفاة استنادًا إلى نوع الحشرات المتواجدة وسلوكها.

الذباب أول من يصل إلى مسرح الجريمة.. دراسة تكشف دور الحشرات في كشف أسرار الموت

وأضافت أن الدراسة توصلت إلى ظهور أكثر من عشرة أنواع من الحشرات من عائلات مختلفة، لم تقتصر على الذباب فقط، بل شملت أيضًا خنافس الرمم والجلود، موضحة أن هذه الأنواع تتغير تبعًا للفصول والعوامل البيئية مثل درجة الحرارة والرطوبة.

وأكدت أن تحليل الحشرات، ولا سيما يرقات الذباب التي تتغذى على الجثث، يمكن أن يكشف عن وجود السموم أو المواد المخدرة في جسد المتوفى، حيث تؤثر هذه المواد على سرعة التحلل وسلوك الحشرات بشكل مباشر. فالجثث التي لا تحتوي على سموم تتحلل بسرعة أكبر مقارنة بتلك التي تحتوي على مواد سامة أو مخدرة.

وأشارت نتائج التجارب التي أجرتها الباحثة إلى أن درجات الحرارة المرتفعة وأشعة الشمس تسهم في تسريع عملية التحلل، خصوصًا خلال فصل الصيف، إذ تزداد جاذبية الجثث للحشرات في المناخات الدافئة، بينما يحدث التحلل بشكل أبطأ في الأجواء الباردة خلال الشتاء. كما أظهرت الدراسة أن التحلل يبدأ غالبًا من منطقة الرأس، حيث يبدأ الذباب بوضع بيضه في الفتحات الرطبة مثل العينين والفم والأنف والأذنين.

علم الحشرات الجنائي

وعلى الرغم من أن علم الحشرات الجنائي يُستخدم منذ أكثر من 150 عامًا حول العالم، فإنه ما يزال تخصصًا ناشئًا في مصر والعالم العربي، ويحتاج إلى مزيد من الوعي والدعم الأكاديمي والتدريبي، نظرًا لكونه أصبح أداة فعالة وأساسية ضمن فرق التحقيق الجنائي في العديد من الدول.

واختتمت الباحثة حديثها بالتأكيد على أن الذباب قد يكون أول من يعرف مكان الجريمة، لتغير بذلك المثل الشائع:

“مش هخلّي الدبان الأزرق يعرف مكانك”،
مشيرة إلى أن الذباب هو أول من يصل إلى الجثة، وربما أيضًا أول من يكشف أسرارها.